كينيا( بوابة إفريقيا) 13ديسمبر 2025 — يقف عبد الرحمن عبد الله، البالغ من العمر 27 عاماً، على قطعة أرض جرداء قاحلة عند أطراف بلدة بلبِل في مقاطعة غاريسا، بينما تغوص حذاؤه قليلاً في التربة المفككة تحت أشعة الشمس الحارقة. ومن بين الأرض، تبرز براعم عنيدة من شجرة Prosopis juliflora المعروفة محلياً باسم «ماثينغي»، خضراء ومتحدية.
يتنهد عبد الرحمن. فالأرض لم تُترك دون زراعة سوى ثلاثة أشهر فقط بانتظار موسم الزراعة، ومع ذلك استعادت هذه النبتة الغازية سيطرتها عليها. وبحلول موسم الأمطار، سيكون قد اقتلع هذه النباتات أربع أو خمس مرات، منفقاً مالاً لا يملكه، في معركة لم يخترها يوماً.
يقول وهو يجر معوله على الأرض كاشفاً عن جذر سميك: «هذا ما كنت أحاول أن أشرحه لك. الزراعة أصبحت صعبة. هذه العملية وحدها قد تكلفني بين ثمانية عشر وعشرين ألف شلن، ومع ذلك لا يوجد أي ضمان للحصاد».
ويمسح العرق عن جبينه، ويلتفت نحو دكان صغير أنشأه ليؤمّن قوت أسرته عندما تفشل الزراعة. ويضيف: «أحاول محاربة الفقر من أجل عائلتي بعد أن فقدنا الماعز. لكن في بعض الأحيان تصبح الزراعة لا تُطاق».
وعلى الطرف الآخر من الحقل ذاته، ينحني عبد السلام ناصر علي، البالغ من العمر أربعين عاماً، لاقتلاع «ماثينغي» بيديه. يبدو عليه الإرهاق، لكن عزيمته لم تنكسر. يقول بهدوء: «سبعة أفدنة. كيف أزيل هذه النباتات؟ يوماً نقتلع، ويوماً نزرع، ثم نعود للاقتلاع مرة أخرى حتى الحصاد. إنها دائرة لا تنتهي».
ويوضح عبد السلام، وهو أب لأربعة أطفال، أنه مضطر لإبقاء عمال في المزرعة طوال الموسم فقط لمنع «ماثينغي» من خنق المحاصيل. ويقول: «إذا غفلت أسبوعاً واحداً فقط، تستعيد الأرض بالكامل. وأحياناً تنمو النباتات قريباً جداً من المحاصيل، فيؤدي اقتلاعها إلى إتلاف المزروعات وتقليل الإنتاج. وكل شلن أنفقه هو دين على المستقبل».
أما العبء النفسي على الأسر الرعوية التي تحولت إلى الزراعة، فهو أثقل من الجهد البدني. فقد لجأوا إلى الزراعة هرباً من الفقر، بحثاً عن الاستقرار، وتجنباً للاعتماد على المساعدات الغذائية والتحويلات النقدية. لكن «ماثينغي» قلبت مسارهم رأساً على عقب.
يقول عبد السلام: «كنا رعاة. بدأنا الزراعة لنساعد أنفسنا. لكن من المؤلم أن نرى كل هذا الجهد يضيع».
وعلى بعد كيلومترات قليلة، يسير "داود محمود ديقو" على ممر كان يستخدمه الرعاة سابقاً. اليوم، أصبح الممر مغلقاً بالكامل بسبب كثافة أشجار «ماثينغي» الشائكة التي يفوق ارتفاعها طول الإنسان. ولا يمكن الوصول إلى الماشية المختبئة خلفها.
يقول داود: «أفقدها باستمرار. أولاً تأكل البذور وتنشرها في مزارعنا، ثم تتساقط أسنانها، وتلتوي أفواهها، ولا تعود قادرة على الأكل، فتموت. نحن نسمي هذا المرض ماثينغي».
وتختلط في صوته نبرة الغضب بالعجز. فقد اختفت المراعي، وسُدّت مسارات الرعي، وابتلعت الأشجار نقاط الوصول إلى المياه. ويضيف: «الأشياء التي حاولنا تركها خلفنا — التنقل المستمر بحثاً عن المراعي — أُجبرنا على العودة إليها. لا ينمو أي عشب حيث توجد هذه الشجرة».
ويزرع داود أيضاً، لكن على مساحة فدان أو فدانين فقط، لأن أي مساحة أكبر تصبح مستحيلة. ويقول: «لا أستطيع تحمّل كلفة استئجار عمال لإزالة هذه النباتات. وما نجنيه من الزراعة بالكاد يكفينا حتى الموسم التالي».
وفي منظمة «ودجير» المجتمعية، التي يترأسها داود أيضاً، يستمع إلى المزارعين وهم يكررون القصة ذاتها: تكاليف متزايدة، محاصيل متراجعة، وإرهاق يتسلل إلى العظام. تضم المنظمة 31 مزارعاً يزرعون الفاصوليا الخضراء والبطيخ والذرة، لكن لا أحد يوسّع مزرعته.
يقول داود: «أكبر مزرعة لا تتجاوز فدانين. ليس لأننا نفتقر إلى الأرض أو المياه للري، بل لأن عناء اقتلاع هذه النباتات في كل موسم أصبح فوق الاحتمال».

