لعدة عقود، غالبًا ما نظرَت القوى الكبرى إلى أفريقيا بوصفها ساحة إستراتيجية تُدار فيها النفوذ بعيدًا عن الأضواء. وقد أسهم النهج الذي اتُّبع خلال رئاسة دونالد ترامب في إبراز هذه الحقيقة بشكل أوضح، وإنْ جاء ذلك بطريقته المباشرة الخاصة.
فقد جرى تعليق أو خفض كبير لبرامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) — وهي برامج تُعد شريانًا أساسيًا لدعم قطاعات الصحة والتعليم والأمن الغذائي في مختلف أنحاء القارة.
توقفت مبادرات واعدة عن العمل، ووجدت مجتمعات كثيرة نفسها فجأة من دون الدعم الذي اعتادت الاعتماد عليه.
وفي الوقت ذاته، جُمّدت المساعدات الأوسع لعدد من الدول الأفريقية، مما أدى إلى تعطيل جهود تنموية كانت تلك الدول تسعى لتحقيقها وفق أولوياتها الوطنية.
ومع ذلك، فالصورة ليست سلبية بالكامل. فعندما تتقاطع سياسات حكومات أفريقية مع أولويات الولايات المتحدة — خصوصًا فيما يتعلق بالحصول على المعادن الاستراتيجية مثل الكوبالت والليثيوم والعناصر الأرضية النادرة أو النفط — تتدفق حزم استثمارية سخية بسرعة. فبلدان مثل كينيا ورواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية حصلت على صفقات تقدر بمئات الملايين، بل وبمليارات الدولارات في بعض الحالات.
أما الدول التي يُنظر إليها على أنها أقل تجاوبًا، مثل جنوب أفريقيا، فقد واجهت ضغوطًا دبلوماسية واقتصادية أشد.
هذا التفاوت في المعاملة — حجب المساعدات من جهة، وتقديم شروط تجارية مغرية من جهة أخرى — دفع كثيرين إلى رؤية نمط محسوب: تخفيف الضغط عندما تتقاطع المصالح، وزيادته عندما تختلف.

