في أروقة واشنطن يُقال إن في الصومال ملفين لا يمكن أن يُحسما من دون مشاركة أميركية — أو على الأقل من دون ضوءٍ أخضر من البيت الأبيض. الملف الأول هو وحدة الصومال، والثاني ثرواته النفطية والغازية. وهما ركيزتان لا تزالان تحددان شكل العلاقة بين مقديشو وواشنطن، وتوجهان أي حوارٍ استراتيجي بين الطرفين.
أولًا: وحدة الصومال
منذ أكثر من ثلاثة عقود، كانت الولايات المتحدة الفاعل الخارجي الأبرز في رسم ملامح الدولة الصومالية بعد الحرب. فمن اعترافها بالحكومة الفيدرالية عام 2013 إلى دورها في تنسيق المساعدات الدولية عبر الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومؤسسات «بريتون وودز»، تُرى بصمتها بوضوح على كل مسار إصلاحي تقريبًا في البلاد.
لقد ربطت واشنطن دعمها السياسي والمالي للصومال بالتزامه بنظامٍ فيدرالي يقوم على المصالحة وتطوير الدستور. ويتجاوز هذا التأثير الدبلوماسية إلى البنية المالية التي تعتمد عليها الحكومة الفيدرالية في تسيير شؤونها. فأي اتفاقٍ دائم حول تقاسم السلطة بين المركز والولايات، أو أي حوارٍ جاد مع «أرض الصومال»، لا يكتسب شرعية أو زخمًا إلا بموافقةٍ أميركية — ولو ضمنية. وفي الواقع، كثيرًا ما يحدد الموقف الأميركي مصير المبادرات السياسية في الصومال، بين النجاح أو التعثر.
ثانيًا: النفط والغاز
يُظهر ملف النفط والغاز مدى ارتباط مستقبل الاقتصاد الصومالي بموازين القوى العالمية. فالأحواض البحرية الممتدة على ساحل المحيط الهندي تحتوي على احتياطيات واعدة، لكن التقدم ظل بطيئًا بسبب انعدام الأمن وتردد المستثمرين.


