السودان ( بوابة إفريقيا) 17 نوفمبر 2025 — أطلقت الأمم المتحدة تحذيراً شديد اللهجة من احتمال تعرّض المدنيين في إقليم كردفان السوداني لجرائم واسعة النطاق شبيهة بتلك التي شهدتها مدينة الفاشر قبل أسابيع. وقال مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، خلال جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، إن “مؤشرات الكارثة وشيكة، وواضحة بشكل لا يمكن تجاهله”. وذكّر تورك الدول الأعضاء بأن الفظائع التي ارتُكبت في الفاشر — من عمليات قتل جماعي، وعنف جنسي واسع، وإعدامات استهدفت أشخاصاً بعينهم، وتجويع سكان محاصرين — كانت “متوقعة”، و”كان يمكن تفاديها” لو تحرك المجتمع الدولي في الوقت المناسب. لكنه أشار إلى أن العالم اكتفى بالمشاهدة بينما استولت قوات الدعم السريع على عاصمة شمال دارفور بعد حصار دام 500 يوم، خلّف المدينة مدمّرة بالكامل. واليوم، يحذّر تورك من تكرار السيناريو ذاته في كردفان. فقد تحوّلت ولاية شمال كردفان، الواقعة بين دارفور والخرطوم والغنية بالموارد، إلى ساحة قتال رئيسية بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني. وفي أواخر أكتوبر، سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة بارا، ما ضيّق الخناق على مدينة الأبيض، عاصمة الإقليم، حيث يعاني السكان من القصف، وإغلاق الطرق، ونقص حاد في الغذاء والدواء. وقال تورك: “كل المؤشرات ماثلة أمامنا: مدنيون محاصرون، ومساعدات إنسانية معطّلة، ومجاعة تلوح في الأفق، واستخفاف مروّع بحياة البشر”. وأشار إلى أن صور الأقمار الصناعية أظهرت حتى بقع دماء في شوارع الفاشر، معتبراً أن صمت العالم “وصمة على ضمير المجتمع الدولي”. جرائم جنسية واسعة النطاق وسلط خبراء الأمم المتحدة الضوء على حجم العنف الجنسي الموثّق في الفاشر، حيث أكد محققون مستقلون أن مقاتلي الدعم السريع هاجموا مراكز النزوح، وانتقوا النساء والفتيات تحت تهديد السلاح، واغتصبوا العشرات، ما دفع عائلات بأكملها إلى الفرار. ويُعتقد أن مئات النساء والفتيات تعرضن للاغتصاب — كثير منهن في العلن — “من دون خوف من العقاب”، بحسب المقررة الخاصة سوريا ديفا. ويفحص المحققون حالياً مؤشرات مشابهة من الانتهاكات وأساليب الحصار في كردفان، حيث أُغلقت طرق الإغاثة وبدأ الجوع يتفاقم بسرعة، ما يثير مخاوف من أن تكون المنطقة على شفا “فاشر أخرى”. تحرك أممي مرتقب ويناقش مجلس حقوق الإنسان، مدعوماً من 23 دولة عضو، مشروع قرار يدين العنف ويدعو إلى تحقيقات عاجلة. وحثّ تورك المجتمع الدولي على التحرك بشكل فوري — حماية المدنيين، وتأمين ممرات آمنة للنازحين، وفرض حظر السلاح، ومحاسبة الجهات التي تموّل وتغذّي الحرب. وقال تورك: “يجب ألا يُترك السودان لمصيره مرة أخرى”.
جاري تحميل محتوى المقال...

