كينيا، 20 ديسمبر 2025 تلقّى الرئيس الكيني ويليام روتو انتكاسة قضائية بعد أن أوقفت المحكمة العليا في نيروبي مؤقتًا تنفيذ «إطار التعاون الصحي» بين كينيا والولايات المتحدة، وهو اتفاق متعدد المليارات وُقّع في وقت سابق من الشهر الجاري.
وأصدر قاضي المحكمة العليا تشاتشا مويتا، يوم الجمعة، أوامر تحفظية علّقت تفعيل الاتفاق إلى حين النظر في الالتماس المقدم من الناشط أوكيا أومتاته والفصل فيه. ويُقدَّر حجم الاتفاق بنحو 2.5 مليار دولار، وكان قد وُقّع في 4 ديسمبر 2025 بين الرئيس روتو والرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ويهدف الإطار إلى تعميق التعاون بين البلدين في مجالات ترصّد الأمراض، وتعزيز النظم الصحية، وإدارة الأوبئة العالمية، غير أنه واجه انتقادات تتعلق بتبادل البيانات، والالتزامات المالية، والامتثال الدستوري.
وقال القاضي مويتا في قراره: «يُمنح أمر تحفظي يمنع الجهات المدعى عليها، نيابة عن حكومة كينيا، من تنفيذ أو تفعيل أو المضي في تنفيذ إطار التعاون الصحي بين حكومة جمهورية كينيا وحكومة الولايات المتحدة الأميركية الموقّع في 4 ديسمبر 2025، بكامل بنوده».
وفي التماسه، اعتبر أومتاته أن الإطار يرقى إلى مستوى «معاهدة» وجرى توقيعه من دون مشاركة عامة أو موافقة برلمانية، بما يخالف المادة 2(6) من الدستور وقانون إبرام المعاهدات والتصديق عليها. وذهب إلى أن الاتفاقات الثنائية التي تمس سيادة كينيا وسلامة أراضيها يجب أن تخضع لتدقيق البرلمان، وهو ما قال إنه لم يحدث.
كما أثار الناشط مخاوف تتعلق بحماية البيانات، معتبرًا أن الاتفاق يتيح تبادل معلومات طبية حساسة دون موافقة أصحابها، في تعارض مع الدستور وقانون حماية البيانات. وعلى الصعيد المالي، قال إن الإطار يرتّب التزامات إنفاق خارج الضمانات الدستورية وقانون إدارة المالية العامة، ودون رقابة برلمانية.
وأشار أومتاته كذلك إلى مساس الاتفاق باختصاصات اللامركزية، موضحًا أن توظيف وإدارة العاملين في القطاع الصحي من صلاحيات حكومات المقاطعات، وبالتالي لا يحق للحكومة الوطنية إبرام التزامات تُحمّل المقاطعات أعباءً من جانب واحد. وقال إن «الإطار يعتدي على الدستور»، مؤكدًا ضرورة الأوامر التحفظية لحماية المبادئ الدستورية والحفاظ على جوهر القضية.
في المقابل، عارضت الحكومة الطلب عبر إفادة خطية قدّمها وكيل وزارة الخدمات الطبية أوما أولوجا، معتبرًا أن الدولة ملزمة دستوريًا، بموجب المادة 21(2)، باتخاذ التدابير التشريعية والسياسات اللازمة لتحقيق أعلى مستوى ممكن من الصحة لجميع الكينيين.
وأكدت الجهات المدعى عليها أن الالتماس سابق لأوانه، وأن الإطار «غير مُلزِم» ويهدف إلى تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة ولم يُنفَّذ بعد. وأضافت أن التهديدات الصحية العالمية مثل فيروس نقص المناعة البشرية والسل والملاريا—التي تصنّفها منظمة الصحة العالمية مخاطر كبرى على الأمن الصحي العالمي—تتطلب استجابات عابرة للحدود وتمويلًا دوليًا مستدامًا.
وبحسب الحكومة، شكّل الدعم الأميركي تاريخيًا ركيزة أساسية للقطاع الصحي في كينيا، حيث أسهم في برامج مكافحة HIV والسل والملاريا، والتحصين، والتغذية، والصحة الإنجابية، والبحث الصحي، وتدريب الكوادر، وتعزيز النظم الصحية. وحذّرت من أن تعطيل البرامج المدعومة أميركيًا قد يخلق حالة من عدم اليقين ويؤثر سلبًا على خدمات صحية حيوية، مؤكدة أن إدارة الأوبئة تتطلب مقاربة متعددة المسارات تشمل التمويل المحلي والمساعدات الخارجية والتعاون مع الشركاء الدوليين.

